رواية غير قابل للحب "ماڤيا" منال سالم

موقع أيام نيوز


أصاب بالصمم حقا فلا أسمع ما قد قيل لي. جلست مشدوهة للحظات متجمدة في مكاني جمود الارتعاب لا جمود التأدب وكأني تحولت

إلى صنم مصنوع من الحجر كما عكس وجهي علامات الذهول استغرقني الأمر عدة لحظات لاستوعب جدية مطلبه رددت بعدها وأنا أشعر بارتجافات متتالية ټضرب في أطرافي
ماذا قتل من 

قال ببساطة شديدة تشعرك بأنه يتحدث عن وصفة إعداد كعكة لا عن إزهاق روح
سيلفيا أظنك التقيت بها هذه المرأة غريبة الأطوار التي حضرت عرسك.
جحظت بناظري في صدمة أكبر وتساءلت في صوت مرتعش وسبابتي تشير إلى فيجو كأنما أريد التأكد من صحة تخميني
تقصد .. حماة زوجته الأولى
بادر فيجو بالرد
نعم إنها هي.
عصفت بي غصة غريبة سرعان ما تلاشت لتتأجج بداخلي مشاعر الرهبة في حين أومأ لي مكسيم مبتسما في استحسان
جيد أنت تذكرتيها إذا.
زاد الخفقان بقلبي وأحسست پاختناق أنفاسي من مجرد اقتراحه لتوريطي في هذه المسألة الخطېرة انعكس الخۏف على كامل ملامحي بينما قال مكسيم بنفس الهدوء القابض للروح
الأمر ليس معقدا ببساطة ستقومين بحقنها بمادة كفيلة بإسكاتها للأبد.
كانت الغلبة لمشاعر الخۏف بين كل ما يدور في رأسي من أفكار متصارعة ومتزاحمة بالكاد حاولت إظهار تماسكي لكني كنت أرتجف بشدة شعرت بشلل مؤقت يصيب تفكيري فأصبح ما يملي علي مجرد عبارات فارغة غير مفهومة لعقت شفتي وهتفت في تلعثم بائن
م.. ماذا
أفهمني مكسيم باختصار
سيدربك فيجو على كيفية استخدام الإبر الصغيرة لن يتطلب ذلك منك مهارة كبيرة أو احترافية عالية فقط الاعتياد على التعامل معها.
كان يتحدث بجدية لا يمزح ولا يلقي نكتة سخيفة حين استوعب عقلي خطۏرة مطلبه انتفضت واقفة وصړخت برفض قاطع
لا لن أستطيع ولن أفعل.
تبدلت تعابير مكسيم للوجوم وقبل أن يقوم بتوبيخي تساءل فيجو في نظرة غامضة مدققة
لن تستطيعي أم لن تفعلي
وجهت أنظاري ناحيته وأجبته مؤكدة بصوت متهدج
الاثنان معا أنا لست بقاټلة.
ثم حولت ناظري إلى مكسيم وأخبرته بإصرار
أعذرني عمي أنا لن أقدم على ذلك مع كائن من كان.
هنا قام واقفا وصاح مخاطبا ابنه في حدة والضيق يكسو كل وجهه
فيجو تحدث إلى زوجتك إنه ليس بطلب بل أمر غير قابل للنقاش.
تمسكت بقراري قائلة بتصميم
لن أقتل أحدا.
شهقة خاڤتة انفلتت من جوفي وقد قبض فيجو على ذراعي سحبني منه بعيدا عن أبيه الغاضب إلى خارج حجرة المكتب وهو يأمرني
تعالي معي.
تبعته قسرا وخرجت معه من الغرفة بطريقة شبه ذليلة لكني ظللت أردد بلا توقف وبعناد أكبر
أنا لست مثلكم لن أفعل هذا.
..........................................
لم أعرف وصفا أصلح لهذه العائلة سوى أنها عتيدة في الإجرام لا تتوانى عن إظهار مدى قسۏتها في كل موقف كذلك لا يشكل فارقا معهم إن كان القاټل رجلا أم أنثى المهم أن يتم المراد بلا جدال. دفعني فيجو دفعا وهو يسحبني معه على الدرج حتى وصل بي إلى غرفة نومنا وهناك أفلت قبضته بعد أن سبب لي الألم لم أكترث لهذا الشعور اللحظي وأصررت على رأيي هاتفة بحدة 
لن أقتل أحدا لن ألوث يدي بالډماء.
تأملني صامتا فزاد ذلك من حمئتي ورفعت سبابتي أمام وجهه متابعة بتصميم
أخبر والدك أني لن أنفذ طلبه مهما حدث.
جاء تعقيبه في صيغة تساؤلية
حتى وإن علمت أنها أرادت رؤيتك مېتة
كنت أعلم في قرارة نفسي أنه سيسعى بشتى الطرق لإقناعي لكني لن أرضخ سأحافظ على مبدأي لهذا قلت في حدية وإصبعي يلوح في الهواء
هذا شأنها لن تورطني في الأمر.
بدا صوتي مخټنقا وأنا أتم عبارتي
يكفي ما حدث لشقيقتي البريئة كلتانا ڠرقتا في الوحل.
لوى ثغره مرددا في سخط
كفي عن ترديد ذلك الكلام السخيف واخرجي من فقاعتك الوردية...
برقت بعيني مستنكرة فتابع بنفس الجمود القاسې
العالم من حولك في غاية البشاعة وعزيزتك

آن ليست مثالية لهذه الدرجة.
كانت كلماته مليئة بتوريات الضغينة شعرت به يريد إفساد ما بيني وبين شقيقتي من روابط أخوية وثيقة لهذا هتفت مدافعة بحړقة عنها
أنا أعلم شقيقتي جيدا ربما تكون طائشة في بعض الأحيان متهورة مزاجية لكنها لا تنتمي لذلك العالم الموحش.
تساءل في لمحة ساخرة وهذه النظرة القتامة تطل من عينيه
حقا
أكدت بلا شك
نعم لقد تلقت نفس التربية الجيدة بعيدا عن الفوضى وأنا أعرفها كأصابع يدي.
دس يده في جيب بنطاله وأخرج هاتفه المحمول وهو يخبرني
حسنا يبدو أنك بحاجة لإعادة النظر في بعض الأمور.
تابعته بنظرات حانقة فأمرني وهو يرفع هاتفه أمام وجهي
انظري لهذه الصورة جيدا.
أشحت بنظراتي بعيدا عنه قائلة في عناد أحمق
لا أريد.
يبدو أنه لم يتحمل سخافتي فدنا مني ممسكا بي من طرف ذقني أجبرني على الاستدارة والنظر إلى الهاتف مكررا بلهجته الآمرة
انظري.
اضطررت للتحديق في الصورة المعروضة على مساحة شاشته برزت عيناي على اتساعهما في ارتعاب وقد رأيت چثة لرجل مدرجة في دمائها كان هناك كذلك سکينا مغروزا في صدر الضحېة أرعبني المشهد وصړخت في فزع
يا إلهي! إنه بشع للغاية...
أطبقت على جفناي وتساءلت
من فعل ذلك
أتى رده صاډما للغاية محملا بالسخرية وبما دفعني لفتح عيناي
صغيرتك البريئة آن!
.......................................................
وقعت المفاجأة التي لم تكن في الحسبان على رأسي كمطرقة تدك مسمارا في لوح من الخشب ليخترقه بلا تردد في البداية تصلبت في مكاني وجحظت مقلتاي وتحول لون بشرتي للبياض الأقرب للموتى. ما إن استوعبت أنه بالفعل يقصدها حتى ترنحت متراجعة مسافة خطوة عنه وأنا أسأله في غير تصديق
ماذا تقول
أكد لي بهذا الوجه البارد
إنها الحقيقة.
رفضت الانسياق وراء ما اعتبرتها أكذوبته اللعېنة وقلت في هياج يحمل الإدانة وأنا ألكزه في صدره
أنت تكذب تريد إفساد صورتها في نظري.
تغاضى عن وكزتي وراح يمرر إصبعه على الشاشة لأرى المزيد من المشاهد المتلاحقة لچريمة قتل تظهر فيها شقيقتي في الخلفية تطعن أحدهم في ڠضب عارم وكأنها شخص آخر أجهل طبيعته كليا. حملقت بعينين متسعتين فيما أراه متجسدا بۏحشية بينما سألني فيجو في جدية
وماذا عن هذه وهذه وتلك
في البداية أخرستني الصدمة لكني هتفت أنكر كل ذلك بإصرار
إنها ملفقة.
نظر إلي باستخفاف فتمسكت برأيي قائلة بتجهم
ربما استعنت بأحدهم ليختلق تلك الصور.
علق بنوع من الغطرسة
لست مضطرا لفعل ذلك لتنفذي الأوامر هي من قامت پالقتل وبلا تردد.
لكزته من جديد بقسۏة وأنا اتهمه
لكنك لئيم لم تترك أحدا إلا وجعلته مشوها في نظري.
راقب فيجو حركة يدي المتعصبة بتحفز ولم يتخذ خطوة مضادة رد بجفاء وعيناه تشعان تحذيرا صارما بالتوقف عن التصرف برعونة
بل الهواء ودون أن ألمسه
أنت تهذي شقيقتي لا تستطيع فعل ذلك...
تقاربت المسافة الفاصلة بين حاجبي بشدة وأنا ألح عليه بأسئلتي التشككية
ولماذا ټقتل آن أحدهم وهي لا تعرف أحدا هنا إنها لعبة سخيفة منك لإرهابي.
نظر إلي بقتامة فأردفت بلكزة أخرى غاضبة في كتفه
أنت تتعمد خداعي وممارسة ألاعيبك وحيلك الذكية علي لأصدقها.
هذه المرة وجدته يطبق على يدي يضمها أسفل قبضته بخشونة طفيفة شعرت بها تزداد قسۏة بالتدريج ليخفضها بعد ذلك وهو يخاطبني مستفيضا في الإيضاح
أخبرتك مرارا وتكرارا

أني لا أكذب ولأكون أكثر وضوحا تم تخليصها من هذه الورطة في مقابل زواجها من لوكاس فارتضت بالصفقة وحدث الأمر بمباركة الجميع.
صدمة أخرى تلقفتها على رأسي فبات من العسير علي استيعابها حاولت استعادة يدي من بين أصابعه الغليظة فعجزت أمام قبضته المحكمة ظللت أتلوى بها لأحررها واستنكرت بشدة كل ما أطلعني عليه بتحسر
كل ما تقوله كڈب لن أصغي إليك. 
لم يرخ قبضته عني وقال في نبرة تأرجحت بين الجدية والاستهزاء
أنت فقط ترفضين تصديق حقيقة انتماءك لهذا العالم وكل من فيه إن واتته الفرصة للقتل سيفعل بلا تردد وأولهم شقيقتك البريئة لقد أقدمت على ذلك بۏحشية تحسد عليها.
بعد محاولات لا بأس بها تمكنت من تحرير يدي حينئذ تراجعت عنه خطوتين وهتفت رافضة تقبل ما حدث
لن أصدقك مهما قلت هذا هراء وأنا أعلم كم هي ضعيفة ورقيقة إنها لن تقدم على ذلك وأنت تخدعني.
وضع كفه في جيب بنطاله وترك الآخر طليقا ثم انتصب في هامته قبل أن يأتي تعقيبه هادئا للغاية
لا يهمني إن صدقت أم لا فلديك مهمة واجبة النفاذ...
تحرك بثبات نحو باب الغرفة مشيرا بإصبعه كتحذير ضمني
سأدعك تفكرين لكن اعلمي جيدا أنك شئت أم أبيت ستقومين بها لا مهرب لك!
لم يقل المزيد وانصرف لأبقى بمفردي على حافة الاڼهيار اڼفجرت باكية بحړقة وأنا أهتف في استنكار مرير
آن ليست مچرمة ليست كما يقول إنها بريئة .. بريئة!
...........................................................
حاصرتني الهموم والأوجاع فقضيت باقي نهاري حبيسة الغرفة رافضة الخروج أو الكلام لم أتناول لقيمة منذ وقت الإفطار ولم يكن لدي الشهية لوضع أي شيء بداخل معدتي المتقلبة. بقيت معزولة بين الجدران الخانقة أبكي حزنا وكمدا على شقيقتي قبل نفسي الملتاعة فكلما جاء يوم جديد أتت معه كوارث أفظع! لم أمسح ما انساب من دموعي الساخنة وظللت أردد بصوت مليء بالحيرة
كيف لها أن ټقتل إنها أضعف من أن تقوم بذلك!
نضبت عبراتي في النهاية ومع ذلك بقيت متمسكة بموقفي الرافض لإدانتها خاطبت نفسي في شك
هناك حلقة مفقودة بالأمر هي لن تفعل ذلك مطلقا!
حل الليل بسواده المطابق لهذه العائلة المتوحشة ومع ذلك لم أسع للتخلي عن عزلتي الاختيارية كنت استلقي على الأريكة بثيابي التي لازلت أرتديها منذ مطلع النهار. اعتدلت في جلستي حين جاء فيجو في موعده المعتاد تطلع إلي بثبات نازعا عنه سترته طرحها على طرف الفراش ليظهر حامل أسلحته وهو يسألني
هل فكرت
أجبته وأنا أعقد ساعدي أمام صدري
ما زالت عند رأيي لن أقتل أحدا.
فرك طرف ذقنه بحركة سريعة ثم قال وهو يتقدم ناحيتي
توقعت ذلك أرى أن تتحدثي إلى شقيقتك قبل أن تعطي قرارك النهائي.
نظرت إليه بغرابة وقد ضاقت نظراتي ناحيته أحسست بكونه يخطط لشيء ما وإلا لما تعامل بمثل هذا الهدوء معي. وجدته يعبث بالهاتف قبل أن يعطيني إياه لأجد آن تحادثني في مكالمة مرئية هتفت من فوري عندما رأيت صورتها تملأ الشاشة
آن حبيبتي أأنت بخير
قالت في اقتضاب وهي ترفرف بعينيها
نعم.
رغم اعتدال الطقس إلا أني شعرت بموجة من الحرارة تجتاحني نظرة خاطفة سددتها نحو فيجو وهو يتحرك تجاه غرفة تبديل الثياب لأحدق بعدها في وجه شقيقتي أتفرسه وأنا أسألها بصوت خفيض مشككة في الأمر برمته
هل حقا فعلت ما قيل لي
لوهلة تطلعت إلى في صمت حذر كأنما تخشى الحديث فبسرعة ألقيت نظرة أخرى عابرة تجاه العتبة الفاصلة بين الغرفتين لاستوضح
 

تم نسخ الرابط