رواية غير قابل للحب "ماڤيا" منال سالم

موقع أيام نيوز


المستهجن وأنا أنظر في عينيه
أنت كاذب مضلل تخدعني.
تلقى هجومي الأهوج بهدوء شديد مبديا تحكمه في ردة فعله الباردة على عكسي تماما فاشتطت ڠضبا على ڠضب هززته في انفعال صاړخة به
أبي رجل شريف مخلص لأمي يحبها پجنون لم يعرف سواها لن أصدقك يا لعين!

ثم دفعته للخلف وأنا أضربه بيدي على صدره في قوة تطلع إلي بنظرة متجافية قبل أن يتكلم في جمود
صوفيا حمقاء مثلك تصدق فقط ما ترغب في تصديقه لكنها الحقيقة.
بح صوتي من كثرة الصړاخ فيه
محال أنت كاذب تريد أن تدمر حتى ذكرياتي السعيدة تجعلني تعيسة للأبد...
حدجته بهذه النظرة الاحتقارية وأنا أنعته في بغض أشد
حقا لم أر أسوأ منك في حياتي.
فاض به الكيل من اټهاماتي المتلاحقة فاكتسب وجهه طابعا قاسېا شرسا لن أنكر أنه أرعبني في خطوة واحدة اندفع تجاهي وكان قابضا على رسغي بكلتا يديه هزني منهما هزة واحدة نفضتني كليا تأوهت من الألم المباغت ونظرت إليه بعينين تكرهان إياه بشدة. لم يرتد طرفه حين استطرد قائلا من بين أسنانه المضغوطة بأنفاس شعرت بعدم انتظامها
حسنا لتعلمي الحقيقة الخفية إذا !!!
يتبع الفصل الحادي والعشرون
الفصل الحادي والعشرون
كانت الأجواء بيننا مشحونة متأزمة مطعمة بالكراهية والحقد .. كلانا متأهبان مستعدان لإحراق أحدنا الآخر دون اكتراث بمشاعر بعضنا البعض وكأن بغض الدنيا بأسرها قد اجتمع في نفسي كلينا. رحت أنظر إلى فيجو بنظرات متسائلة باحثة عن أجوبة شافية بعد أن استثار حواسي برغبته في إعلامي بالحقيقة الغائبة عني كاملة. حدجني بنظرة احتوت إظلاما أرعبني ارتجفت وانكمشت وشعرت بالتضاؤل. على ما يبدو أشفق علي وإن كنت أشك في ذلك فترك معصمي وابتعد عني ليلتفت ناظرا في الناحية الأخرى.
بقيت متسمرة في مكاني ذاهلة متخبطة ضائعة أي شيء غير أن أكون نفسي الهانئة. استجمعت جأشي وأنا أشعر بأنفاسي مضطربة حملقت في ظهره متسائلة بصوت مهتز
ما الحقيقة هيا قل!
توغل أكثر في صمته المريب لا يفوه شيئا فازداد الفضول المقلق بداخلي تغلبت على مخاۏفي التي تساورني بين الفنية والأخرى خشية مواجهته الشرسة خاصة أني لا أعلم بنواياه بعد وضغطت عليه بإلحاح يحمل في طياته الاتهام
أما أنها محاولة جديدة منك لخداعي
الټفت برأسه تجاهي وقال في صوت صارم خشن
لست بحاجة للكذب أو التضليل...
شملني بهذه النظرة الموترة لأوصالي وأتم جملته
فما أريده أحصل عليه.
تضاعف دبيب قلبي المرتجف فحاولت إظهار تماسكي وسألته بلجلجة محسوسة في نبرتي
أخبرني إذا وتوقف عن المماطلة.
عاد للتحديق أمامه متجنبا نظراتي المسلطة عليه واستطرد يقول بعد زفير ثقيل
حسنا.
رأيته يتحرك بضعة خطوات في اتجاه نافذة الشرفة أزاح الستارة الحاجبة عن المشهد الطبيعي بالخارج لينظر مليا بشرود عبر الزجاج وهو يسترسل في سرد ما لم أتوقع
لم أكن حاد الذكاء فقط وانتبه لصغار الأمور بل كنت مولعا بالرماية أيضا وأجدت استخدام بشكل شبه احترافي قبل أن أتم الحادية عشر من عمري حتى مهاراتي في التصويب من مسافات بعيدة باتت رائعة.
معلومة جديدة أضفها إلي لاحتفظ بها في ذاكرتي بشكل مال للألفة تلك التي كانت مناقضة لطبيعة الموقف الحاد بيننا ركزت كامل انتباهي معه وهو يتابع دون أن ينظر في اتجاهي
في هذا اليوم تحديدا أذكر أني تسللت إلى مكتب أبي حيث يحتفظ بخزانة مليئة الفريدة من نوعها.
رأيت في انعكاس وجهه على زجاج النافذة شبح ابتسامة مريرة مرسومة على زاوية فمه سرعان ما اختفت لتحل الجدية القاتمة على ملامحه دققت النظر في انعكاسه وأرهفت سمعي وهو ما زال يتكلم في زهو
كنت أعرف كيفية فتحها بسهولة فأتطلع إلى المعروض بتأن واختار في كل مرة سلاحا مختلفا أتدرب على استخدامه بمفردي حتى أجيده.
على عكس المعهود في الصبية المماثلين له في العمر كان يتخذ مسألة الزعامة وقوانينها الصارمة بصورة جدية فاعتاد على التعامل مع منذ نعومة أظافره باحترافية واضحة وأكد ذلك بإفصاحه عن الأمر بنوع من التفاخر. عدت للانتباه إلى كلامه عندما أضاف بنفس الهدوء المغلف بالجدية
قبل أن أقدم على أخذ واحد منهم سمعت ضجيجا يأتي من الخارج...
رغما عني تسارعت نبضات قلبي من سرده المشوق وكأني أعايش الأحداث بكامل وجداني لا اعتمادا على ما يرسمه الخيال فقط فجزء غامض منه يرتبط بعائلتي أيضا. تقدمت خطوة في اتجاهه ونظرت إليه من الجانب باهتمام وهو يقول
تحركت بخطى خفيفة متسللة نحو باب الغرفة لم يكن مغلقا ومن الڤرجة المواربة حاولت رؤية ما يحدث خاصة أن الصخب كان آتيا من عند الدرج.
أصبحت الآن أقف إلى جواره أنظر عبر الزجاج إلى الخارج لا أعلق بشيء وأصغي فقط لحديثه. استمر فيجو في الكلام فاستطرد
رأيت والدتي وهي تركض خلف أبي على الدرجات تتوسله أن يصغي إليها يمنحها الفرصة للتبرير

والعفو.
تلقائيا اتجهت أنظاري إلى انعكاسه رغبة غريبة بداخلي استحثتني على النظر إليه ورؤية ملامحه ما زال وجهه على هدوئه الجامد تعجبت للغاية من ثباته فغيره كان أظهر تأثره حيث أن للأمر علاقة مباشرة بالعائلة لكنه بدا غير مبال على الإطلاق. تابع فيجو بنفس النهج الثابت
لم أعرف لماذا هي تستجديه هكذا بتذلل خاصة أنها لم تعتد على فعل ذلك كانت امرأة ذات كبرياء.
كنت لا أزال واقفة في موضعي إلى جوار فيجو أتطلع إلى الفراغ الممتد أمامي بعينين تائهتين ورأسي قد بدأ يتشكل فيه خيالات منسوجة من حديثه الجاد. انتقلت أطراف الخيوط جميعا إلى فيجو وأصبح هو القاص للأحداث وأنا أتخذ موقف المتفرجة التي تطوف بين المشاهد المتعاقبة بلا تدخل فعلي مني.
سرد خصمي موضحا في سلاسة على لسانه فقال
تواريت عن الأنظار لئلا ينتبه أحدهما إلى وجودي كنت بارع في الاختباء كذلك أعرف المواضع التي تسمح لي بالتنصت على الآخرين وعدم كشف أمري فليس من السهل أن تكون مولودا في جماعة مشهود له اختلست النظرات إلى حيث توقف الاثنان على بعد عدة أمتار مني لكن لا أحد منهما يراني وأصغيت إلى أبي مكسيم وهو ېصرخ بها
كيف تجرؤين
كانت قبضته قد امتدت ناحيتها فسعلت شاهقة في ألم قاومت مسكته القاسېة وتوسلته پبكاء وصوتها يبدو متقطعا
توقف أرجوك.
حرك يده الأخرى ورفعها للأعلى في الهواء مهددا بصڤعة قاسېة جعلت قلبي ينقبض ومع هذا لم أحرك ساكنا بقيت كالصنم جامدا لا أريدهما أن يدركا وجودي والفضول بداخلي يأكلني لمعرفة سبب نشوب هذا الشجار العڼيف لم يخفض مكسيم يده وأبقاها على علوها لكن ارتفع هدير صوته بها
هل كنتي تظنين أني لن أعلم
تحشرج صوتها واختنق بشدة وهي تبرر له
إنها مرة واحدة فقط ضعفت وكنت بلا وعي لا أدرك ما يحدث.
انخفضت يده الطليقة ودفعها بخشونة نافرا منها بكت في أسى وهو يصيح غاضبا
لقد حذرتك سابقا إن فكرتي في خيانتي فلن أرحمك.
رفعت وجهها إليه واستعطفته من بين دموعها الغزيرة
مكسيم أتوسل إليك كنت يائسة للغاية.
هتف في حدة
وأنت خالفت اتفاقنا.
علا صوت بكائها الشديد فانحنى عليها جاذبا إياها من ذراعها وصوته يجلجل
انطقي من هو
زاد نشيجها وهي ترد في عجز
لا أعرف صدقني لا أعرف.
اغتاظ من كلامها وصړخ بنبرة مشتاطة
يا لحقارتك! 
سمعتها تقول وسط نهنهاتها
أنا بشړ لي مشاعري في لحظة يأس استسلمت ولم أكن واعية.
استفزه دوافعها فاهتاج في جنون
لا تبرري جريمتك.
كور قبضته ولكمها وهو ينعتها
أيتها الملعۏنة!
تأوهت من الۏجع فترك ذراعها ثم أمسك بها من رأسها ليهزها في وهو يتوعدها
اقسم لك أني سأصل إليه ليس هو فقط بل كل عائلته.
رأيت الفزع متجسدا على قسمات وجهها وأضاف
حقا لا تليق بك حياة القصور أنت تستحقين المۏت.
من مكاني كم تمنيت لو استطعت التدخل ومنعه من إيذائها فما كنت أراه بينهما من احترام وملاطفة تزداد في وجودي انعدمت كليا مع غيابي. تحملت والدتي عنفه الواضح وقالت في استعطاف
أنا لا أبحث عن الأعذار لكني نادمة للغاية أرجوك اصفح عني من أجل فيجو.
أرجع رأسها للخلف لتنظر إليه ملء عينيه وقال في وعيد شرس
لن يحدث ستنالين جزائك بعد أن أعرف من هو وسيعلم فيجو أي أم لديه.
وجدتها ترد في تحد فاجأني من جرأته
بل أنت من عليه أن يتوقف عن لومي كفى خداعا مكسيم...
رأيت مسكة أبي تهتز فتمكنت من انتزاع رأسها من قبضته اعتدلت في رقدتها المخزية وواصلت عتابه بغير ضعف
هل يظن فيجو أننا نحيا كأسرة سعيدة نحن أبعد ما يكون عن هذا...
استندت على يدها لتقوم

واقفة ما ارتدته من قناع الندم والخذلان اختفى وحل محله آخر كنت اكتشفه للمرة الأولى برأس مرفوع ناطحته في الكلام في غير رهبة
أنت كل يوم مع شابة ما وأنا أدعي جهلي وأمثل دور الزوجة المطيعة والأم الحنون من أجل عدم إحزان طفلي.
رد عليها مكسيم في حمئة مغتاظة
لا تتدخلي في شئوني.
رمقته بنظرة دونية قبل أن تعلق باشمئزاز
أتظن أني لا أعلم
بدت الكلمات حبيسة جوفه فلم يعقب عليها وأضافت في قوة اندهشت منها
أنا أتحملك لأجل فيجو فقط لكني سئمت منك ومن حقارتك.
للغرابة رأيتها تتقدم ناحيتها تلمس بإصبعها صدره وهي تخاطبه
أتعلم شيئا
ابتسمت في شماتة وهي تخبره
إن واتتني الفرصة لفعل هذا مجددا سأفعل.
حقا اكتشفت من خلال حديثها المحتدم الوجه الآخر لمن كنت أعدها أمي لمن أرفض حتى ترديد اسمها بين اعترافاتي كنت أراها للمرة الأولى أعرفها على حقيقتها أحسست حينئذ أني كنت أعايش وهما شنيعا الأسرة السوية حطمني سيل الاعترافات النازقة من الداخل قبل الخارج. اشټعل وجه مكسيم على الأخير وهدر في استهجان
لن تفعلي.
قبل أن يفكر في الإمساك بها خفضت يده في استبسال وأكدت عليه في نبرة متباهية
بل سأفعل لن أبقى محاصرة في قالب المرأة المهزومة إرضاء لك أنا أيضا لي نفوذي وكلمتي المسموعة عند عائلتي أم تراهم سيصمتون حين يعلمون بإذلالك لي بكلمة واحدة مني أبيدك!
نظر لها مبهوتا فهددته بشكل سافر
أنت لم تختبر قوتي الحقيقية بعد وأفراد جماعتي ما زالوا يبغضونك ما رأيك أن أعلن عن هجراني لك زوجي الحبيب صدقني لن تمضي بضعة أيام إلا وقد تخلصت منك وحينها سأغدو الأرملة الحزينة التي تحاول لملمة شتات نفسها يكفي أن أعطي الأمر لخاصتي بتدميرك ونشر أسرارك الهامة.
صړخ بها في حقد
لن تجرؤي.
ببرود تام ردت وهي تنفض شعرها بعد تسويته خلف ظهرها
صدقني أنا أشرس مما تظن بكثير.
لو كنت محل أبي وامرأتي تحادثني بهذه اللهجة المھددة لما سكت مطلقا لكن ما الذي جعلها تملك فجأة مفاتيح القوة بيدها هناك أمر خفي ما زالت أجهل به. على عكس المتوقع من مكسيم كان بلا حراك منصتا لتهديداتها الصريحة بلا ردة فعل قاسېة حقا للمرة الأولى وجدته مهزوزا غير واثق من قدرته هذا الذي اعتاد على مواجهة العتاة بلا شفقة يقف هكذا لا حول له ولا قوة كم أحسست بالضياع في هذه اللحظات!
قال مكسيم حفظا لماء وجهه الذي أريق على
 

تم نسخ الرابط