رواية غير قابل للحب "ماڤيا" منال سالم

موقع أيام نيوز


من ة تصل سريعا وطالما أني ما زالت أجهل بشأنها فربما هي بخير استغرقت في هذه الأفكار الراجية إلى أن سمعت صوت الباب يفتح فاستدرت للجانب لأجد فتاة يظهر على وجهها ابتسامة لطيفة ترتدي زيا أبيض اللون تقدمت ناحيتي وبدت سعيدة لرؤيتي مستيقظة تفحصني بنظرة شاملة قبل أن تقول في ود
مرحبا بعودتك.

سألتها بصوت متحشرج حاولت تجليته
أين أنا
أجابتني وهي تتفقد الوصلات الطبية الموصولة بي
أنت في عيادة الدكتور مارتي.
رمقتها بنظرة متحيرة فابتسمت وأضافت
سيأتي بعد قليل للاطمئنان عليك.
لم أعرف هوية ذلك الطبيب ولم أسع لسؤالها عنه فقط تحير عقلي في سبب تواجدي هنا ومعرفة كيف تم إنقاذي فعلى ما يبدو ما رأيته من أطياف ټقتحم غرفة الټعذيب لم تكن هلاوسا أو حتى أوهاما خلقها عقلي لإيهامي بأن كل شيء على ما يرام هناك ما حدث وكنت أغفل عن التفاصيل. حمحمت متسائلة مرة ثانية
من جاء بي إلى هنا
رأيت الممرضة وهي تلتفت نحو الحامل الطبي الذي يتدلى منه السائل غرزت به إبرة بها

مادة ما وأجابتني ببسمة مهذبة
ليس لدي فكرة أنا مكلفة برعايتك فقط.
طردت كتلة من الهواء من صدري وتساءلت في تعب
كم من الوقت غفوت
أخبرتني وهي تدور حول الفراش
يومان.
برقت عيناي في صدمة قبل أن يردد لساني
ماذا
راود عقلي العديد من التساؤلات دارت كلها حول محاولة إخراجي من قعر الچحيم الذي وقعت فيه لمحتها وهي توشك على الانصراف من باب الغرفة فاستوقفتها بسؤالي المباغت
هل أمي بخير هل هي هنا
نظرت لي باسترابة متحيرة فأوضحت لها بمزيد من التفصيل
السيدة صوفيا أسمعت بهذا الاسم
حافظت على ثبات بسمتها وهي تخبرني
لا أعرف سيأتي الطبيب مارتي للإجابة عن أسئلتك فقط ارتاحي.
ربما هذه الممرضة تجهل بما أقصد لم أضف المزيد وأشرت بعيني قائلة بابتسامة ممتنة
شكرا لك.
تنهدت مجددا وأرحت مرفقي على جبيني وأنا أتساءل
ترى ما الذي حدث لها
لاح مشهد غرقها في الډماء في فضاء عقلي فارتجفت للذكرى وارتعدت زفرت الهواء متابعة في نبرة متمنية
أرجو أن تكون بخير.
شعرت بالثقل يحط على جفني فلم أقاومه واستسلمت لذلك الشعور الداعي للنوم العميق لأعود مرة أخرى للفراغ الساكن الخالي من الأحلام والكوابيس.
آنستي هل تسمعيني
كنت في حالة من الاستقرار الهانئ لولا أن ظلت هذه العبارة تؤرق سلامي وتنغص صفوي فاضطررت للتخلي عن جمودي الممتع والاستفاقة من هذه الإغفاءة الجميلة لأفتح عيني في إرهاق. صحوت بكسل وتطلعت للظل المبهم الذي يعلو رأسي بدهشة ممتزجة بالحيرة. في البداية لم أستطع تبين ملامحه لكنه ظل يلح علي
هل تشعرين بشيء
أجبته وأنا أضع إصبعي على جبيني
نعم هناك صداع يضرب في رأسي.
خاطبني في ود
لا بأس سيزول مع الوقت.
بدأت الرؤية تتضح فأبصرت رجلا خمسيني العمر يتطلع إلي بنظرات غريبة كأنها تفتش عن شيء ما بوجهي مما دفعني لسؤاله
هل بي شيء
نفى سؤالي باسما
لا.
من وراء كتف الطبيب رأيت أحدهم يقف عند الركن لم أكن قد تنبهت له من قبل أو لأن تركيزي كان منصبا على الوجه المتطلع إلي عن كثب فغفلت عنه. حين دققت النظر وجدته فيجو الزعيم الوهمي أخيرا ظهر مدعي الإجرام على الساحة يا للسعادة العظيمة! كنت بالطبع أسخر من نفسي لكونه لم يكن حاضرا وقت الخطړ. انقلبت سحنة وجهي وأخذت أحدجه بنظرة لائمة مطولة أين كان وأنا أعاني أقسى أنواع العڈاب أتراه فعل المستحيل لاستعادتي أم أن خالي رومير هو من نجح أولا في الوصول إلى مكاني وانتشالي منه
لكن هناك لمحة من الغموض تحاوط به خاصة أن اسمه تردد في الأصداء وقد سمعته بوضوح قبل أن ألاقي قدرا من التعنيف المؤذي كانا يتحدثان عنه بما بدا وكأنه تحذير غاضب. عدت إلى واقعي ونظرت شزرا ل فيجو كأنه شخصية نكرة ثم أشحت بوجهي بعيدا عن مرمى بصره ونفخت في سأم بصوت يكاد يكون مسموعا. شعرت بوقع خطوات قدميه تدنو مني فتلبك بدني ومع ذلك أظهرت عدم مبالاتي لن يكون حضوره مؤثرا كالسابق!
وقف ملاصقا إلى جنب سريري سمعته يسألني في صوت جاف لا يخلو من الجدية
هل أنت بخير
الټفت ناظرة إليه وهذه النظرة الساخرة تصدح في عيني أيهزأ بي مثلا أم أنه يمزح بطريقة سمجة لتخفيف حدة الذكريات المؤسفة وجدت لساني يردد بتهكم
منذ أن عرفتك .. لا.
أظن أني لمحت شبح ابتسامة على زاوية فمه تبددت على الفور عندما علق
إذا أنت صرت أفضل.
ربما أعجبه لساني السليط لكني لم أستسغ تبادل الحوار معه بأريحية كأن شيئا لم يكن لذا سألته بصوت شبه حاد وبوجه ما زال يشوبه الحنق
أين خالي وماذا حدث لأمي
جاوبني في هدوء معتاد منه
حسنا .. أمك في

الغرفة المجاورة ورومير معها.
انتفضت ودق قلبي بقوة بمجرد أن علمت أنها موجودة معي في نفس المكان حاولت النهوض من رقدتي الطويلة وأنا أهتف في تصميم
هنا أريد الذهاب إليها أريد رؤيتها فورا.
منعني من التحرك بوضع قبضته على كتفي ليثبتني في موضعي قائلا بلهجة آمرة تحكمية
انتظري ليس قبل أن يسمح الطبيب بذلك.
صحت فيه محتجة پغضب راح يتجمع في تعابير وجهي
أنت لن تتحكم في أمري...
ثم نفضت يده بعيدا عني كأني أنفر منه وتابعت بلوم أشد وأنا أرمقه بهذه النظرة الاحتقارية
حتى لو كنت تملكني يكفي أن غيرك سرق أملاكك وعجزت عن حمايتها.
غامت ملامحه بلا شك وتحولت نظراته للقسۏة بشكل مخيف ومع هذا لم أتراجع عن موقفي أنا من تأذيت أنا من عانيت وأنا من سأحمل معي هذه الذكريات الشنيعة حتى القپر. كررت عليه صياحي الهادر فيه
ابتعد.
بهدوء مناقص لما يبدو في نظراته نحوي تنحى للجانب وتركني أنهض فقمت مندفعة بكل عصبية تحفزني مشاعري الثائرة لكن غلف رأسي دوارا قويا جعلني أترنح في وقفتي فكاد توازني يختل شعرت بقبضته تمتد وتمسك بي من مرفقي لتسندني فانتزعت ذراعي منه پعنف كأن عقربا لدغني. تعجب من موقفي المضاد ضده والذي يبدو أكثر كراهية عن ذي قبل ورغم ذلك لم يتخذ موقفا معاديا ناحيتي إلى الآن. وجهت سؤالي للطبيب مارتي
أين هي أمي
تردد في منحي الجواب فاستدرت أحدق في وجه فيجو بغيظ متزايد حول عينيه عني لينظر ل مارتي الواقف خلفي ضاقت نظرات بوجوم هل يفكر في منعي من رؤيتها إذا ليتحمل نوبة ڠضبي التي لا أضمن كيف ستنتهي. رأيته يهز رأسه بإيماءة خفيفة كأنما يخاطب الطبيب بلا صوت فنطق الأخير بعد نحنحة سريعة
سأرشدك إليها.
ثم تحرك للجانب ليسمح لي بالمرور لا يتوقع أن أقدم له الشكر أمسكت بالمقبض وأدرته لأفتح الباب وأخرج سمعت صوته يقول من خلفي في صيغة متسائلة
ستخرجين هكذا
الټفت مرة أخرى ناحيته لأجده يشير إلى ثوب المشفى كنت فاقدة لتركيزي فلم استوعب مقصده فأوضح بجراءة وبلا ابتسام
أرى جسدك عبره.
تلونت بشرتي الشاحبة بحمرة خجلة وتجمدت في مكاني بعد أن استدرت كليا لأخفي عن عينيه المثبتتين علي اقترب مني الطبيب وناولني روبا لأرتديه فوق الزي فهممت بالتحرك لأسمع بعدها فيجو يأمر مارتي بحزم
كن إلى جوارها.
هتف دون نقاش لابتسم وأنا أوليهما ظهري نصف ابتسامة في سخرية مريرة
كما تأمر أيها الرئيس.
أين كانت هذه النزعة التسلطية وأنا أختبر أنواعا مختلفة من الټعذيب لن أغفر لمن فرط في بسهولة وجعلني لقمة سائغة لأمثال ذلك الخسيس النجس الذي جعلني أرتاع من كل شيء وأي شيء حتى وإن كنت أظهر صلابة زائفة أمام من حولي لكن بداخلي حواجز من الخۏف والارتعاب. حقا رجوت أن يكون مصير خاطفي الوضيع ڼار الچحيم المستعرة!
تبعثرت روحي بعد أن ظننت أني استجمعتها بواحدة من مواجهاتي السابقة مع فيجو بالرغم من كونها ساذجة لا ترتقي لهذا الحد لكني اعتقدت أنها كافية لاستعادة جأشي وثباتي انهرت مرة ثانية وحل بي الخۏف عندما وقفت خارج الباب الذي يفصلني عن التواجد مع صوفيا في هذه اللحظات كدت أموت من الخۏف لا أحد يخبرني شيئا وأنا يدور في عقلي كل التوقعات السيئة. لم أترك لأوهامي الفرصة للاستحواذ علي أفكاري أمسكت بالمقبض وأدرته لأطل برأسي في بطء حرج نحو الداخل انقبض قلبي وارتعش وقد رأيتها مسجاة على سرير طبي يغطي قناع الأكسجين وجهها وهناك عدة أسلاك طبية تخرج من عند صدرها هرولت ناحيتها رغم إعيائي أناديها
أمي!
التصقت بجانبها

من الفراش وأمسكت بيدها أضمها في راحتي قبل أن ألقي نظرة حزيئة مليئة بالحسړة على وجهها الهادئ الساكن تماما أردت احتضانها فما استطعت سالت دموعي ألما عليها وناديتها في صوت شبه باكي خاڤت
صوفيا!
توقفت لهنيهة لأتماسك قليلا وتابعت
أنت تحبين أن أناديك هكذا بدلا من أمي...
ضحكت من بين عبراتي المنسابة وأضفت
لئلا تبدين أكبر عمرا.
أجهشت بالبكاء رغما عني فرؤيتها طريحة الفراش مزقت قلبي شعرت بيد توضع على ظهري فانتفضت فزعا وابتعدت بمقدار خطوة عمن لامسني وأنا متحفزة للانقضاض عليه تفاجأت بالطبيب مارتي خلفي ابتسم لي في تهذيب وقال
ستكون بخير.
عاودت النظر إلى وجهها فرأيته أكثر شحوبا لهذا سألته في عصبية وأنا ألوح بيدي
لماذا لم تنقل إلى المشفى
ضم شفتيه رافضا منحي الجواب فاغتظت من سكوته غير المبرر وهاجمته بكلامي اللاذع
لا أعتقد أن المكان مناسبا أو حتى كافيا لعلاجها.
رد على مضض كأنما ينتقي كلماته بميزان معين فلا يزيد عن المسموح له
هذا أفضل لها في الظروف الحالية العيادة مجهزة بكل ما تحتاجه كما أني لم أقصر معها وهي في تحسن.
هتفت في حدة وأنا أشير إليها
لا يبدو عليها ذلك.
أنا...
لم يستطع إكمال جملته التي بدأها لأني قاطعته في إصرار غاضب
إنها أمي ولا أريد خسارة حياتها.
استدرت فجأة للجانب لأنظر ناحية الباب عندما ناداني صوتا مألوفا
ريانا!
وجدت رومير يلج للغرفة وهو يرسم ابتسامة لطيفة على ثغره أسرعت ناحيته لأرتمي في حضنه وأنا أناديه
خالي!
ضمني إلى صدره فأرحت رأسي على كتفه واستشعرت قدرا من الأمان بوجوده استكنت لبعض الوقت في حضنه محاولة استعادة إحساسي بالاحتواء ونسيان ما مررت به. سألني رومير في حنو ودود
كيف حالك الآن قطعة السكر
كم افتقدت لتدليلي في وقت كانت فيه أكبر همومي اللهو بدميتي والسهر لقرب منتصف الليل أشاهد التلفاز. تنهدت مطولا وأجبته بوجه عابس وأنا ابتعد قليلا عنه لأتمكن من النظر إلى وجهه عن قرب
لست بخير أرأيت ماذا حدث لي ولأمي
مد يده ليضعها على وجنتي داعبها في رفق وقال
لقد انتهى ومضى.
ابتسمت للطفه معي وزاد إحساسي بالطمأنينة وهو يؤكد لي
كل شيء سيكون على ما يرام.
أخذني في حضنه مرة أخرى وظل يكرر هذه الجملة لبضعة مرات فظننت
 

تم نسخ الرابط