رواية فارس بلا جواد من الفصل السادس إلى الفصل العشرون منى سلامة
المحتويات
آدم بقلبه وقد كاد ينخلع من مكانه قلقا وخوفا وألما من أجلها فقال بصوت حانى
آيات انتى فين اديني عنوانك
صاحت پغضب
عنوان ايه اللى انت عايزه انت تبعد عنى خالص فاهم . .أنا لا عايزة أشوفك ولا عايزه أسمع صوتك ولا عايزه أعرفك أبدا
قال آدم پألم وندم
عارف عارف انك مش طايقانى بس لو سمحتى عرفيني انتى فين وعنوانك ايه
أنا هريحك خالص ومش هفتح الخط ده تانى وياريت تنسى انك عرفتنى فى يوم من الأيام لانى خلاص نسيتك ومبقتش أطيق أفتكرك
فتحت هاتفها وأخرجت شريحتها لتقسمها الى نصفين وتلقيها أمامها على الأرض
اندمج على فى عمله وتابع العمال الذين يعملون تحت امرته بعد استراحة الغداء دخل المخازن ليجد بعض العمال وقد شرعوا فى طبع تواريخ صلاحية على العلب فأقبل عليهم قائلا
قال أحدهم
المشرف ندهلنا وقالنا نطبع الكلام ده على كل العلب دى
وأشار بيده على العديد من الكراتين والتى غطت الحائط والتى كانت تحتوى على عبوات الأغذية المحفوظة نظر على بدهشة الى الكراتين قائلا
جت امتى الشحنه دى
قال أحد العمال
علمى علمك
فتح على احدى الكراتين وأخذ يتفحص العبوات علبة علبة ليجد بأن التواريخ فى الأسفل تم ازالتها بالكامل ظل يتفحص الى أن وصل الى احدى العلب والتى لم يتم حذف التاريخ منها بدقة فبدا واضحا للعيان أن العبوات منتهية الصلاحية من شهرين هتفت قائلا
أخذ العبوات وتوجه الى مدير الشركة يطلب مقابلته لكن السكرتيرة منعته الى أن أخذ فى الصړاخ وقد تعالى صوته قائلا
أنا عايز مدير الشركة دى دلوقتى حالا بتغيروا فى تاريخ الصلاحية وتبيعوا للناس أكل فاسد أنا عايز أعرف دلوقتى المدير عارف اللى بيحصل ده ولا نايم على ودانه ولا كلكوا طابخينها سوا
ليه ليه
قال مدير الشركة پغضب
انت ملكش دعوة الا بشغلك وطالما حطيت مناخيرك فى حاجة متخصكش يبقى متلزمنيش مين قال ان العبوات منتهية الصلاحية أنا راجل شريف وعندى ضمير
صاح على پغضب وهو يشير الى احدى العلب فى يده
قال مدير الشركة
دى علبه وسط ملايين العلب السليمة
قال علىپحده
لا العلب مش سليمة العلب كلها متشال من عليها الصلاحية والعمال تحت فى المخزن عمالين بيطبعوا تواريخ جديدة على العلب
ثم صاح
حرام عليكوا هى الناس ناقصة اتقوا ربنا دول ناس غلابة ده مفيش بيت فى مصر الا وفيه حد مريض حسبي الله ونعم الوكيل فيكوا ده انتوا
خرج على من الشركة وهو يحمل العلبة فى يده وأوقف سيارة أجرة لكى يتوجه الى قسم الشرطة لكن لم يكد يبتعد بالسيارة عدة أمتار حتى أقبل بعض الرجال الذين أوقفوا السيارة وجذبوه من ملابسه وأوسعوه ضړبا وركلا هرب سائق السيارة الأجرة وترك على فريسة لهؤلاء الوحوش
كنت خاېفة
نظرت اليها أسماء بعطف فقالت آيات بصوت مرتجف
فاكرة لما زعقتلك وقولتلك ليه متكلمتيش ليه مصرختيش قولتلى انك خوفتى من اللى ممكن يتقال عليكي انا حسيت بإحساسك ساعتها حسيت انى خاېفة ان الناس تبصلى وحش وكنت مخضۏضة ومش عارفه أعمل ايه فضلت أقوله يبعد بس هو مكنش بيبعد ومكنش حد واخد باله من اللى بيعمله يعني لو زعقت بصوت عالى كان ممكن يقول انى بتبلى عليه عشان كده وقفت العربية ونزلت
قالت آيات بحزم
بلاش تشتمى خساره فيهم الحسنات اللى ياخدوها مننا قولى منهم لله وخلاص
قالت أسماء بحنق
منهم لله بس ده أنا نفسى أجمع كل الرجالة اللى بيعملوا كده وأحطهم فى ميدان عام ويدلق عليهم بنزين وكل بنت حصلها كده تمسك عود كبرت وترميه عليهم
قالت آيات بيقين
سبيهم ڼار الأخرة أشد حرارة من ڼار الدنيا المحفظة اللى كنت بروحلها المسجد قالتلنا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ناركم التي توقدون جزء من سبعين جزءا من جهنم
قالت أسماء بتشفى
يارب يولعوا فيها كلهم
ثم قالت ل آيات
عمك ده بارد أوى
قالت آيات بحزن
متوقعتش تكون مقابلته كده خالص
ثم دمعت عيناها قائله بصوت باكى وقد عزت عليها نفسها
كان نفسى أوى يقوم من على المكتب وياخدنى فى ه ويقولى متخفيش طول ما انا موجود أنا عمك ومن ممكن اسيبك وهخلى بالى منك
تنهدت أسماء بحسرة وقالت بتهكم
اذا كان الأم والأب اللى بيخلفوا وبيربوا مبيبقاش فى قلوبهم رحمة عايزة العم هو اللى يهتم سيبك بلا هم أنا قرفت من الناس كلها
ثم التفتت اليها قائله
والمحروس آدم ده كمان عايز ايه بعد ما خربها وأعد على تلها
قالت آيات بحنق
متفكرينيش أصلا كلمنى فى وقت مكنتش طايقه أسمع فيه صوت أى راجل اديته كلمتين معرفش طلعوا منى ازاى وكسرت الشريحة
قالت أسماء بحماس
أحسن فى داهية هو كمان خلاص انتى فلستى عايز منك ايه بأه يسيبك فى حالك
قالت آيات بسخرية
قال بيقولى عايز يطمن عليا
ضحكت أسماء بسخرية قائله
لا والله فيه الخير مش قولتك كلهم ولاد .
قاطعتها آيات قائله
يا بنت انتى امسكى لسانك شويه بياخدوا حسناتك يا هبلة
زفرت أسماء بضيق وقالت وهى تخرج من الغرفة
طيب خليني ساكته أحسن لانى لو فتحت بقى مش هطلع شتيمة بس ده أنا هطلع مجارى
ضحكت آيات وهى تتابعها بعينيها الى أن خرجت
هرولت أم على بلوعة وهى تبحث عن ابنها فى المستشفى سألت عنه احدى الممرضات فأشارت الى الغرفة التى تضم عدة اسرة متجاورة على احداها يرقد على وقد ضمد رأسه ووضع ذراعه فى الجبيرة بكت إيمان وهى ترى أخيها والكدمات الواضحة على وجهه هتفت أمه بلوعة
على ايه اللى جرالك يا ابنى
نظر اليها على بأسى قائلا
زى ما انتى شايفه طردونى من الشغل وضربونى
ضړبت أمه بيدها على صدرها وهى تجلس بجواره على الفراش قائله
ليه ليه عملوا كده
قال على بمرارة
عشان احنا بلد تيييييييييييت كل حاجة فيها غلط واللى يفكر يقف قصاد الناس دى بياخد على دماغه زى ما انتى شايفه
بكت أمه بحسرة قائله
حسبي الله ونعم الوكيل فيهم كنت عملتلهم ايه عشان يعملوا فيك كده ده انت يا كبد أمك لا بټأذى حد ولا بتضايق حد وماشى جمب الحيط
ابتسم على قائلا بمرارة
أيوة أنا فى حالى وماشى جمب الحيط بس أنا مستحيل أشوف غلط وأقبل وأسكت وأقول مليش دعوة لانى لو عملت كده هبقى بشاركهم فى جريمتهم دى وعقاپي عند ربنا زيهم بالظبط تصورى انهم بيعدلوا تاريخ الصلاحية على عبوات أكل محفوظ فاسد وبيخلوها تاريخ جديد عايزين يسمموا الناس
قالت إيمان پغضب
منهم لله خلاص مبقاش فى ضمير للدرجة دى حتى الأكل
قال على بمرارة
قولى حتى الهوا دول لو طالوا يسمموا الهوا هيسمموه
أغمض على عينيه فى ألم وهو يقول فى نفسه يارب أحلامى بسيطة للغاية لست كغيرى أحلم بالسيارة الفارهة والفيلا الأنيقة وعمل يدرعليا الملايين بل حلمى هو وظيفة حلال وبيت مؤجر وأثاث متواضع وزوجة تشاركنى حياتى يكن لى منها أبناء أعلمهم وأربيهم وأجعلهم يسيرون فى درب الهدى والصلاح لست أبغى سوى حفظ كرامتى وماء وجهى لست أرغب سوى فى العيش العيش فقط
جلس آدم أمام حاسوبه فى غرفته بالشاليه يتطلع الى صورة آيات ظلت عيناه تمر فوق تلك الكلمات التى سطرتها بيديها والتى تبثه فيها حبها وشوقها نظر الى الكلمات بمزيج من الحسړة والألم وأخذ يفكر كيف تحول هذا الحب بداخلها الى كره ونفور مازال لا يصدق مازال لا يصدق أن حبه بداخلها قد ماټ وانتهى أخذ يقول لنفسه انساها يا آدم أمامك مئات البنات اختر من شئت لكن شئ ما بداخله تمسك بها هى وحدها شعر بأنه لا يريد غيرها يريدها وحدها بصفائها ونقائها وبرائتها وطيبة قلبها تذكر اللحظات التى جمعتهما فى الماضى وكيف كانت معه صادقة المشاعر واضحة كالشمس رقيقة كرقة الندى على ورقات الشجر كم تهفو نفسه اليها الى النهل من بحر حنانها وعذوبة صوتها تذكر أنه لم يصلى العشاء بعد فوقف يصلى بين يدي الله وجد نفسه يدعو الله فى سجوده أن يغفر له وأن يجمع بينه وبين آيات ظل يردد دعائه كثيرا دون ملل أو كلل لا يعلم كيف سيتحقق ذلك كيف يمكن أن يتطهر من ذنوبه وهو مازال يعمل فى تلك القرية لن يستطيع ترك عمله عمله الذى بناه وكبره ويدر عليها مبالغ طائلة وفى نفس الوقت يتمنى رضا ربه عليه يتمنى آيات بقربه تشاركه حياته وأحلامه وطموحاته يريد مغفرة ربه ثم مغفرة آيات لكن كيف السبيل ! كيف يحقق تلك المعادلة الصعبة ! كيف ينجح فى الجمع بينهم ! لديه مثلث من ثلاث زوايا الله آيات عمله كيف يمكن أن يجمع الثلاثة زوايا فى خط مستقيم ! كيف ! ليس أمامه سوى حل واحد أن يخترق أحد أضلع المثلث ويثنيه الى أن يصبح خطا مستقيما لكنه وقف حائرا أى الأضلاع يكسر !
ل
الحلقة 19
استيقظت أم آدم من نومها لتجد آدم واقفا فى الشرفة اتجهت اليه وقالت
صباح الخير يا آدم
الټفت آدم وابتسم بوهن قائلا
صباح النور يا ماما
نظرت اليه أمه بإستغراب وقالت
انت ايه اللى مصحيك بدرى كده
أنا منمتش أصلا
خير يا ابنى فى ايه
تنهد آدم محاولا تخليص نفسه من ضيقه الذى يجثم على صدره صمت ولم يجيب فحثته قائله
أنا أمك يا آدم لو فى حاجة قولى يا ابنى يمكن أقدر أساعدك
الټفت آدم اليها وقال بحزن وضيق
آيات والدها اتوفى
صمتت والدته قليلا ثم قالت
آيات خطيبتك القديمة مش كده
أومأ برأسه فقالت أمه بأسى
لا حول ولا قوة الا بالله ربنا يرحمه ويغفرله
قال آدم
باباها كان مديون واضطرت تبيع كل ميراثها عشان تسدد ديونه وحتى الفيلا باعتها ومعرفش هى عايشه فين ولا ازاى
ثم زفر بضيق قائلا
وراحت ل سراج عمها تطلب منه شغل
سألته أمه بإستغراب
وانت يا ابنى عرفت كل ده ازاى هو انتوا لسه بتكلموا بعض
قال آدم بضيق
عرفته وخلاص حاولت أكلمها كتير مردتش عليا وفين وفين لما ردت ولما طلبت عنوانها وانى أطمن عليها قالتلى انها لا عايزة تشوفنى ولا عايزه تسمع صوتى وانها مش هتشغل الشريحة دى تانى ومن ساعتها وموبايلها مقفول
تابعت أمه بإهتمام تعبيرات الضيق على وجهه لاحت ابتسامه حانيه على وهى تقول
انت حبتها يا آدم
نظر آدم الى أمها بحزن وعيناه تقول نعم أحبها أحبها
اتسعت ابتسامة أمه وهى تقول بحماس
دى بنت طيبة وبنت حلال أول ما شوفتها بصراحة معجبنيش شكلها يعني كانت بتحط مكياج كتير ولبسها ضيق فبصراحة اضايقت بس لما اتكلمت معاها حسيت انى ارتحتلها أوى وحسيت انها مؤدبة ومحترمة
ابتسم آدم بوهن قائلا
حبيتها يعني
قالت أمه بحماس
بصراحة أيوة ومادمت انت كمان حبيتها يبقى يا
متابعة القراءة