رواية فاذا هوى القلب(كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
المحتويات
الله ربنا هيعوض صبرك خير
ربتت جليلة على ظهرها مرددة بود
يا رب أمين ويكرمك يا ضنايا انتي بردك لسه صغيرة وحلوة وفي ألف يتمنوكي!
تعمدت نيرمين العبوس بوجهها وهي تضيف بإحباط زائف
عقدت جليلة ما بين حاجبيها هاتفة باستنكار
لا متقوليش وقريب ان شاء الله هاتسمعي اللي يبشرك
يا رب أمين
وضعت جليلة يدها على ذراعها لتدفعها برفق للأمام قائلة
خشي انتي دوري على الحلق وأنا هاقعد مع الكتكوتة
ربنا يباركلي فيكي يا خالتي!
ثم تحركت بخطوات متمهلة نحو غرفة منذر لتنفذ الجزء الأخر من خطتها الشيطانية
انتبهت إلى صوت تلك الدقات المتواصلة على باب منزلها فنهضت بتثاقل من فراشها لتتجه نحوه وتفتحه تفاجأت بذلك الشرطي الذي يسد عليها الباب بزيه الرسمي فانقبض قلبها إلى حد ما وهتفت متوجسة وهي محدقة به
خير يا شاويش في حاجة
ده منزل المدعوة أسيف رياض خورشيد
ابتلعت عواطف ريقها بتوتر فور سماعها لاسم ابنة أخيها الراحل وسألته بنزق
أجابها الشرطي بجمود غير مريح
معرفش ده استدعاء ليها للبيه المأمور في القسم
لطمت على صدرها مرردة بفزع
استدعا! يا ساتر يارب
هتف فيها بصرامة وهو يوميء برأسه
يالا يا ست ناديلها
تابعت بنبرة مرتعدة
حاضر يا بني هاقولها ونحصلك على هناك!
أوام طيب
ماشي يا
شاويش!
أنهت معه الحوار متجهة بخطوات سريعة في اتجاه الغرفة الماكثة بها أسيف لتبلغها بذلك الأمر العاجل والأهم من هذا كله أنها لن تتركها تذهب بمفردها ستصطحبها إلى المخفر
ولجت إلى داخل الغرفة وهي تسيطر بصعوبة بالغة على سعادتها الغامرة
لم تتوقع أن تكون جليلة إلى ذلك الحد ساذجة في تصرفاتها وفي تصديقها لادعاءاتها أخذت نفسا عميقا لتضبط انفعالاتها قبل أن تفعل شيئا متهورا يحسب عليها
أوصدت الباب خلفها والتفتت بجسدها لتتأمل الغرفة من حولها بنظرات عامة شمولية وعلى ثغرها ابتسامة عريضة لم تمانع في إخفائها تجولت ببطء متعمد في أرجائها ممتعة عيناها بكل ما يخصه
اقتربت من خزانة ملابسه وفتحت إحدى ضلفه لتتلمس ثيابه الخاصة بأناملها قربت أحد قمصانه من أنفها لتستنشق رائحته قبل أن تعيده إلى مكانه ثم عبثت بالرفوف مدققة النظر في أشيائه الخاصة
لمعت عيناها بوميض أشد لمعانا وهي تتجه نحو الكومود لتفتش بداخل أدراجه وجدت صورة فوتغرافية صغيرة له فحدقت بها بتمني ثم فكرت في سرقتها وبالفعل لم تعارض الفكرة نفذتها فورا وطوتها بيدها ودستها داخل ثيابها
وضعت نيرمين يدها على طرف ذقنها تحكه قليلا وهي تفكر في الخطوة التالية من خطتها تذكرت أنها لم تخرج بعد القرط الذهبي من جيبها فأدخلت يدها بالفعل فيه وأخرجته لتلقيه خلف أحد أركان الفراش جاءت للجزء الهام من مخططها الدنيء ألا وهو إفساد العلاقة الودية مع أسيف
كانت تدس في جيبها النسائي منشفة ورقية طوت بداخلها ورقة ما مطوية بطريقة مريبة التوى ثغرها بابتسامة مقلقة وهي تحشرها بداخل المرتبة السفلية تعمدت نيرمين أن تصنع ما يشبه ال حجاب والمعروف بالمناطق الشعبية لتدعي بالباطل على أسيف أنها تمارس أمور الدجل والشعوذة على منذر لتفسد حاله ولأن جليلة على فطرتها فستصدق فورا تلك الأكاذيب
تأكدت من إتمام كل شيء ثم صړخت مهللة لتثير الريبة
إلحقي يا خالتي!
ركضت ناحية الباب وفتحته متابعة صړاخها المرتفع
تعالي شوفي لاقيت ايه وأنا بأدور على حلق بنتي!
توجست جليلة خيفة من صوتها المرتفع وهرولت نحوها حاملة الرضيعة متسائلة بقلق
في ايه يا نيرمين ايه اللي حصل
جذبتها الأخيرة من ذراعها بعد أن تناولت منها رضيعتها مرددة پخوف زائف
شوفتي لاقيت ايه تحت مرتبة سي منذر!
قفز قلب جليلة في قدميها خوفا مما ستراه وهي تلج لغرفة ابنها البكري
توترت أنفاسها وهي تحدق في فراشه حيث أشارت لها نيرمين
تجمدت أنظارها على تلك الورقة الداكنة اللون المحشورة بالزاوية
شهقت مصډومة وهي تقول
يا نصيبتي ايه ده
ردت عليها بصوت مرتجف وهي تضم رضيعتها إلى صدرها
باين عليه عمل!
شهقت جليلة مرددة بارتعاد
عمل وده جه ازاي هنا
صاحت بها نيرمين فجأة لتفزعها أكثر
اوعي تلمسيه بايدك يا خالتي لاحسن يأذيكي!
أبعدت جليلة كفيها إلى جوارها وتساءلت پصدمة
ومين حطه أصلا ده مافيش حد غريب بيدخل هنا!!!
ردت عليها نيرمين بغموض مقلق
أكيد مش غريب يا خالتي!
بحثت جليلة بعينيها عن قطعة قماش لتستخدمها في الإمساك بذلك الحجاب وتمتمت من بين شفتيها بحنق
طب مين ابن ال ده هو ابني ناقص أعمال!!!
ردت عليها نيرمين بمكر لئيم
يا خالتي الناس كلها بتحسده وحاطة عينهم عليه ده غير إن اللي حط العمل ده أكيد واحدة مش واحد!
ضاقت نظرات جليلة نحوها ورددت قائلة
واحدة!
حركت نيرمين رأسها بالإيجاب مؤكدة
ايوه واحدة بتشاغله ومخلياه مش على طبيعته!
انفرجت شفتاها في تعجب أكبر وارتفع حاجباها للأعلى وهي تصغي إلى ما تلقيه على مسامعه
تابعت نيرمين قائلة بنبرة أصابتها أكثر بالريبة والخۏف
شوفي مين بقى يا خالتي هاتعمل ده فيه!
لوحت جليلة بيدها في الهواء هاتفة باستنكار
بس إزاي ده ده
مافيش حد دخل أوضته خالص وحتى الشغالين أنا ببقى واقفة على ايديهم وهما بينضفوا يبقى مين حطهوله هنا!
دنت منها نيرمين وثبتت أنظارها المظلمة عليها وهي تضيف بخبث
انتي ناسية يا خالتي انا احنا كنا بايتين عندكم وكان معانا بنت خالي وهي جاية من بلد كده معروف عنها بالسحر والأعمال!
تراجعت جليلة بجسدها للخلف شاهقة پصدمة واضحة
لم تصدق ما قالته وهتفت معترضة وهي ترمش بعينيها
بتقولي ايه ايه الكلام الغريب ده مش معقول!
هزت نيرمين رأسها بحركة مؤكدة لتثير ذرعها أكثر
لأ يا خالتي صدقي اوعي يخش عليكي محنها ولا السهوكة اللي هيا فيها وبعدين ماهي الوحيدة اللي باتت هنا مع أمي! انتي ناسية يا خالتي ولا ايه
أخفضت نبرة صوتها متعمدة أن تشير إلى قلة حيلة أمها وهي تكمل بأسف
وأمي ست راقدة وغلبانة مالهاش لا في التور ولا في الطحين! وانتي عارفها بقالك سنين مابتعرفش حتى ټأذي فرخة!
اتسعت حدقتاها بړعب واضح من عباراتها المخيفة وارتجفت نبرتها وهي تردد
يا نصيبتي! انتي بتكلمي جد بقى!
أجابتها نيرمين بصوت خفيض
أنا مش بأهزر يا خالتي أومال أنا واخدة منها جنب ليه
دنت منها أكثر لتؤجج من حالة الړعب لديها وهي تضيف بهمس كبير
بيني وبينك كده بس الكلام ده مايطلعش لحد أنا شوفتها وهي بتعمل حاجات كده استغفر الله العظيم تلبش الجتة!
ارتعاشة دبت في جسدها من كلماتها تلك وهتفت مڤزوعة
أعوذو بالله من الشيطان الرجيم!
تنهدت نيرمين مضيفة بضيق حقيقي
تخيلي دي ساحرة لأمي مش بتصدق حاجة عليها خالص حتى لو عملت ايه وكل حاجة تقولها عليها تقول أمين كأنه قرآن منزل!
كانت صادقة في وصفها لم تكن بحاجة للإدعاء أو التأليف فهي ترى بأم عينها علاقة والدتها بها وكيف أنها تدافع عنها وتبرر لها كل شيء على الرغم من كون ابنة خالها لا تفتعل المشاجرات أو غيرها
شعرت جليلة بجفاف حلقها فحاولت بله بريقها المرير ثم هتفت بنبرة مترددة
يا ساتر انتي خوفتيني منها يا نيرمين!
تابعت الأخيرة مؤكدة بلؤم
انتي بس شوفي حد بيفهم في الحاجات دي ويفك العمل المربوط جايز يكون هو اللي واقف حاله!
للحظة فكرت جليلة أنها ربما تكون مخطئة في اتهام أسيف وبررت قائلة
بس ازاي وأنا ابني أصلا مش راضي يتجوز من قبل ما يشوفها يعني
قاطعتها نيرمين بجدية لتنفض عن عقلها أي نزعة للشك
يا خالتي ركزي لو هو عاوز يتجوز العمل المهبب ده يمنعه يفكر في الجواز والعيال ويزغلل عينيه ويسحره ويخليه يركز في آ
عمدت إلى إظهار إرتباكها وترددها في إتمام جملتها للنهاية لتثير فضولها أكثر وبالطبع حققت مبتغاها فسألتها جليلة بتلهف
في ايه
أجابتها بهدوء مقلق
في صاحبة العمل ده!
فغرت ثغرها هاتفة بهلع
هاه كمان!
أشارت نيرمين بكف يدها مكملة بصوتها الجاد
أنا وعيتك يا خالتي وإنتي حرة!
ثم أخفضت عيناها للأسفل لتصيح مهللة بفرح غريب
الله الحلق بتاع بنتي أهوو الحمدلله يا رب!
انحنت لتلتقطه من ذلك الركن وتابعت بتحذير
بس شوفتي لولا ترتيب ربنا وضياع الحلق مكوناش عرفنا بالبلوى السودة دي!
ازدردت جليلة ريقها قائلة
اه والله!
تحركت بعدها نيرمين في اتجاه الباب وهي تقول
هاستنى برا أنا عن اذنك
ظلت جليلة متسمرة في مكانها لعدة لحظات معيدة في ذهنها ما حدث أمامها من كشف لذلك الحجاب المزعوم مرددة لنفسها پخوف بائن
سحر وأعمال! هو انت ناقص يا منذر!!!!
لم تصدق عيناها حينما وقعت على محضر استلام أموالها المسروقة في مخفر الشرطة واستمعت بإصغاء تام لما قاله الضابط هناك عن ملابسات الكشف عن اللص الحقيقي وكيفية القبض عليهكانت صډمتها حينما عرفت أنها إحدى العاملات بالفندق
نظرت لها عمتها بنظرات تحمل اللوم
لتسرعها في إتهام منذر بتلك التهمة الباطلة وكانت محقة في هذا
ولذلك عاتبت أسيف نفسها على تصرفها الأهوج دون التأكد من صحتته ببراهين مثبتة وها هي براءته قد ثبتت للجميع
خرجت الاثنتان من المخفر تسيران بخطوات متهادية نحو منطقتهما الشعبية
التفتت عواطف برأسها نحوها وظلت تراقب صمتها الهاديء ثم قطعته مستطردة حديثها بعتاب لطيف
مش المفروض نعتذر للي غلطنا فيه يا بنتي
تحرجت أسيف من جملتها وتوردت وجنتاها خجلا ولم تعقب
استمرت عمتها في تحفيزها على إصلاح خطئها قائلة
مش عيب يا بنتي نتأسف لما نغلط ده حقه علينا صح ولا أنا غلطانة
هزت هي رأسها بإيماءة صغيرة دون أن تنبس بكلمة
ارتسم على ثغر عواطف ابتسامة ارتياح لتقبلها لنصيحتها وضمتها من كتفيها قائلة بإمتنان
ربنا يباركلي فيكي يا بنتي!
غيرت كلتاهما وجهتهما الحالية لتتجها نحو وكالة عائلة حرب والتي كانت على مسافة قريبة
في نفس التوقيت وصل المحامي الخاص بالعائلة إلى الوكالة جاب بعينيه سريعا مكتب منذر فلم يجده فنفخ بضجر ثم هاتفه ليسأل عنه فوجد أن هاتفه خارج نطاق التغطية
اقترب منه أحد رجالة مرددا
أيوه يا أستاذ!
رد عليه المحامي بتساؤل جاد
فين الأستاذ منذر أنا دورت عليه جوا مش موجود وبأطلبه مش بيرد
أجابه الرجل بهدوء وهو يفسر بيده
ده سافر من بدري يا حضرت الأفوكاتو!
عقد ما بين حاجبيه مرددا باستغراب
سافر وجاي امتى
هز الرجل كتفيه في عدم معرفة وهو يقول
على حسب ما يخلص اللي وراه في الميناء
وضع المحامي يده على رأسه ممررا إياها بين خصلات شعره وهو يتابع بتذمر
يا ربي وأنا كنت عاوز أسلمه بقية فلوس الدكان! هاعمل ايه دلوقتي
سأله الرجل باهتمام
تؤمرنا بحاجة
هز رأسه نافيا
لأ خلاص متشكر
العفو
بقي المحامي بالمكتب يرتب أوراقه ويراجع ما لديه من ملفات بنظرات سريعة قبل أن يستعد للرحيل
وصلت عواطف إلى الوكالة باحثة هي الأخرى عن منذر وإشرأبت لتراه لكنها لم تجده بالداخل
متابعة القراءة